قصص

نشر في : 27-01-2025

تاريخ التعديل : 2025-01-28 00:15:36

آلاء عمارة

في بحر البلطيق، هناك تقع جزيرة مأهولة بالسكان، تُسمى "جزيرة بورنهولم"، وهي تخضع للسيادة الدنماركية. تلك الجزيرة تحظى بأهمية ثقافية وأثرية لتاريخها الطويل؛ إذ تُشير الدلائل إلى أنّ تاريخ الاستيطان المبكر فيها يعود من 8 إلى 9 آلاف سنة قبل الميلاد، وعاشت عليها شعوب العصر الحجري، كانوا قومًا يقدسون الشمس؛ فقد اعتمدوا على الزراعة، والشمس من أهم العوامل المساعدة في إنبات المحاصيل الزراعية.

لكن، يبدو أنّ ذلك الشعب ترك وراءه دلائل وآثارا مثيرة للاهتمام، خاصة لعلماء الآثار والمناخ؛ إذ وجدت دراسة حديثة أنّ شعوب العصر الحجري في جزيرة بورنهولم، قدمت تضحيات تتمثل في أحجار منقوشة برسوم الشمس والحقول، تزامنًا مع فترة ثوران بركاني نشرت الضباب في شمال أوروبا، لدرجة أنّ الشمس اختفت عنها، وكان هذا الحدث في 2900 قبل الميلاد؛ أي قبل نحو 1900 عام، ونشر الباحثون دراستهم في دورية "أنتيكويتي" (Antiquity) في 16 يناير/كانون الثاني 2025.

توثيق

استطاع الباحثون توثيق بركان عام 2900 قبل الميلاد؛ أي خلال الحقبة نفسها تقريبًا، مستندين إلى عينات من نوى الجليد في غرينلاند، التابعة للدنمارك أيضًا. يبدو أنّ ذلك البركان كان مؤثرًا في شعوب العصر الحجري؛ خاصة أنه منع ضوء الشمس من الوصول إليهم ما أثر في غذائهم الرئيسي من الزراعة، وتسبب هذا الحدث أيضًا في حلول فترة من التبريد بعد الثوران البركاني.

قرابين طقسية

ولأنّ تلك الشعوب كانت تخاف من ذلك الحدث، الذي وقتها لم يكن مألوفًا وليس لديهم من العلم ما يفسر لهم سبب تلك الظاهرة، فقد فكروا في تقديم قرابين طقسية، متمثلة فيما يُعرف بـ"أحجار الشمس"، وهي قطع مسطحة من الصخر الزيتي محفور عليها زخارف شمسية، وترمز هذه الأحجار إلى الخصوبة أو ربما أنها قربان، ظنًا منهم بأنّ هذا يحميهم أو ربما أنه طلب لعودة الشمس مرة أخرى.

عُثر على تلك الأحجار بأعداد كبيرة تُعد بالمئات في موقع "فاساجارد ويست" (Vasagård West)، ويعود عمرها إلى 2900 سنة مضت.

بالإضافة إلى تعرض شعوب العصر الحجري في شمال أوروبا إلى غياب الشمس، إثر الانفجار البركاني الهائل وقتها وتعرض الأرض للتغيرات المناخية؛ فقد أشارت دلائل أخرى إلى تعرض تلك الشعوب إلى أمراض مميتة.

كل تلك الدلائل قادت الباحثين إلى ترجيح افتراض أنّ شعوب العصر الحجري قدمت أحجار الشمس نوعا من التضحية أو "قرابين طقسية".